تجريب


بالمناسبة، معارضة الرئيس مجرَّمة دستوريًا !
February 8, 2013, 1:18 am
Filed under: Uncategorized | Tags: , , , , , ,

لم تعرف الدولة الإسلامية التاريخية – في ما أفرزته من أدبيات – آلية واضحة لانتخاب الحاكم بشكل مباشر من الرعية (الديمقراطية التمثيلية المتعارف عليها الآن)، بالتالي لم تُوضع آليات واضحة لمراقبته ومحاسبته إلا من خلال مجموعة “أهل الحل والعقد” الذين لم يذكر الفقهاء من يعينهم وكيف يُعينوا وكيف يُعزلوا!..

لن يذكر المشايخ لك هنا سوى بعض الأمثلة لعلماء مثل العز بن عبد السلام وأحمد بن حنبل وابن تيمية الذين وقفوا أمام الحاكم بمبادرات شخصية.. لكننا نتحدث عن آلية بدليل شرعي صحيح قاطع الدلالة كعقد واضح وصريح بين “الرعية” والحاكم، هل يوجد؟.

عرفت هذه الإشكالية بعض الاجتهادات، لكن خضوع الدولة لهيمنة الحكم العضود الذي دُشِن بعد انتهاء ولاية الخليفة الرابع – أو الخامس إذا حسبنا الحسن –، أطاح بهذه الاجتهادات وتجاهلها بزعم أن قائليها خوارج أو خارجين عن الإجماع.

لعل أفضل ما كُتب في هذه الإشكالية باجتهاد يراعي تغير الأحوال في العصر الحديث كتاب د. حاكم المطيري “الحرية أو الطوفان”، (كثير من الأصوليين انتقدوه بشدة!).

* * *

الإشكالية الأخرى الأصعب: متى يمكن الخروج على الحاكم؟

لديك أسباب عدة: الظلم والطغيان وغيرها من الشرور المطلقة، لكن ظلت هناك إمكانية للتجاوز عن كل هذه الشرور لو أظهر الحاكم الصلاح “ظاهريًا” ومكّن المسلمين من ممارسة طقوسهم الدينية علنًا ودون تضييق.

* * *

إذن، ينص دستور (2012) في مادته الثانية على أن “مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع”.

ويفصل في المادة (219) أن “مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة”.

* * *

في فيديو منشور على يوتيوب لرجل دين محترف يُدعى محمود شعبان يحرّض فيه السلطة على قتل المعارضين وسفك دمائهم.

يعضد الشيخ فتواه – أو وجهة نظره – ببضع أحاديث صحيحة، أي واردة بأصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل “صحيح البخاري”.

بالتزامن خرج رجل دين آخر يُدعى أبو إسلام أحمد عبد الله بفيديو يشمت فيه ممن تعرضن للتحرش في ميدان التحرير ويصفهن بـ”الصليبيات والأرامل”، (هل كان هذا تبرير لجريمة التحرش بهن مثلاً؟).

* * *

نظريًا، لم يخالف الشيخ محمود شعبان الدين، بل جاء بأحاديث صحيحة أيدت فتواه.

لم يخالف أيضًا أحكام السياسة الشرعية، فمرسي حاكم، وله علينا السمع والطاعة، فتراث الشيخ لا يعرف “المعارضة” إلا خروجًا، وليس بمستبعد أنه اعتبر نفسه من “أهل الحل والعقد” الموكول إليهم – حصرًا – اختيار الخليفة ومراقبته كما تنص أدبيات الحكم في الإسلام، (أليس هذا كهنوت؟).

والآن، إذا كان الدستور هو المهيمن على القانون، والقانون مستمد من نصوص الدستور الذي ينص على أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع بأدلتها، إذن بالتالي لا يجب أن يبيح لك القانون في مثل هذه الحالة محاكمة شخص على استخدامه دليل شرعي وإصدار فتوى شرعية لم تخالف الشريعة، لا استدلالاً ولا إسقاطًا.. ولا إيه؟..

الدليل موجود وصحيح، والواقع أيضًا مطابق لمقتضى الفتوى.

* * *

أما الشيخ الثاني أبو إسلام، الذي وصف المتحرش بهن – وغيرهن من المتظاهرات – بأنهن متهتكات وصليبيات، فهو أيضًا غير مجرم بنص الدستور الإسلامي؛ فالراجح حسب جمهور العلماء في كتب الفقه أن سب غير المسلمة لا يوجب الحد أصلاً!.. (راجع فقه السنة للشيخ سيد سابق).

* * *

ملحوظة أخيرة: ما سبق هو محاولة للتفكير في مآلات تطبيق الشريعة – ولو بشكل جزئي – دون تحرير كثير من المفاهيم تبعًا لتغيرات الزمان.

morsi